اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 111
وقد رد الله عليهم بأن الله هو الذي
اصطفاه، وفوق ذلك آتاه من مقومات الحاكم ما يستطيع أن يؤدي دوره بأحسن الوجوه، قال
تعالى: ﴿قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي
الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 247]
لكن بني إسرائيل ـ بطبعهم الجدلي ـ زاد
اعتراضهم، وطلبوا آية من الله تدل على صدق نبيهم، فأعطاهم الله ما طلبوا، قال
تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ
يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا
تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248)﴾ [البقرة: 248]
ثم ذكر الله تعالى ما مارسه طالوت مع
جنوده من أنواع الاختبار حتى يميزهم، فلا يسير معه إلى المؤمن القوي، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا
فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ
شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا
مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾
[البقرة: 249]
وفي ذلك إشارة إلى العقل الكبير الذي كان
يملكه طالوت، والذي عرف أنه لا ينتصر على جالوت إلا المؤمنين أصحاب العزائم
القوية.
وكان من أصحاب تلك العزائم ـ كما يذكر
القرآن الكريم ـ داود، الذي استطاع أن يقتل جالوت، ويتسبب في هزيمة طالوت وجنوده،
قال تعالى: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ
وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا
دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ
اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 251]
وتنتهي القصة القرآنية بهذا.. لكن
المتعلقين بالروايات ـ للأسف ـ أعطوا الحق للإسرائيليين في رفضهم لطالوت ـ شعروا
أو لم يشعروا ـ لأنهم جعلوا منه ظالما مستبدا، بل ساعيا لقتل داود عليه السلام..
وبذلك فإن من يقرأ القصة القرآنية، ويفسرها بالقصة
اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 111