اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91
والتخلص]، وهي تعني أن صاحبها قد تخلص من كيد الشيطان ومكره.. وتخلص من
مثالب النفس وآفاتها.. وتخلص من تبعية قومه وجميع الحجب التي تحول بينه وبين اتباع
الهدي الإلهي.. وتخلص بعد كل ذلك من العذاب العظيم المُعد للذين انتكسوا وارتكسوا،
ولم يستطيعوا التخلص من الأوزار التي أوقعتهم فيها أنفسهم وشياطينهم.
لذلك كان الخلاص نعمة كبرى.. وكان مرتبطا بالصدق والإخلاص.. فلا يمكن لمن
لم يكن صادقا مع ربه، ومخلصا له أن يتخلص من كل تلك الفتن والاختبارات التي جعلت
لتمحيص حقيقته، وإظهار ما في سريرته.
ولذلك كان الخلاص ليس نعمة مرتبطة بجنس دون جنس، أو بطينة دون طينة، أو
ببلد دون بلد.. كما تزعم ذلك الأديان المحرفة.. وإنما هو مرتبط بالصدق والإخلاص
وحدهما.. فمن صدق مع الله وكان مخلصا في طلب الحقيقة هداه الله إليها، بل جاء به
من بعيد ليذعن لها في نفس الوقت الذي يفر عنها أقرب الناس منها.
وقد ذكر القرآن الكريم الأمثلة عن ذلك عندما حكى عن اليهود الذين قدموا
للمدينة في انتظار النبي الموعود الذي كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.. لكنه
بمجرد أن حل بهم تركوه وحاربوه ونصبوا له العداء في نفس الوقت الذي اتبعه أولئك
الأميون الذين لم يكن لهم من العلم به ما كان لأولئك الذين أنكروه بعد المعرفة،
وجحدوه بعد اليقين، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ الله
مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ
كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَى الْكَافِرِينَ
﴾ [البقرة: 89]
ثم ذكر سبب ذلك الحرمان، وهو الحسد الذي ملأ قلوبهم؛ فأعماهم عن رؤية
الحق والإذعان له، قال تعالى: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ
أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ
وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91