اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 76
وولايتك، وأخلصته لودك ومحبتك، وشوقته إلى لقآئك، ورضيته بقضائك، ومنحته
بالنظر إلى وجهك، وحبوته برضاك، وأعدته من هجرك وقلاك، وبوأته مقعد الصدق في
جوارك، وخصصته بمعرفتك، وأهلته لعبادتك، وهيمت قلبه لارادتك، واجتبيته لمشاهدتك،
وأخليت وجهه لك، وفرغت فؤاده لحبك، ورغبته فيما عندك، وألهمته ذكرك، وأوزعته شكرك،
وشغلته بطاعتك، وصيرته من صالحي بريتك، واخترته لمناجاتك، وقطعت عنه كل شيء يقطعه
عنك) ([67])
ويمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تحصل بعد هذا على صحبة الأنبياء
والمرسلين وأئمة الهدى والصالحين من خلال صلاتك عليهم، أو ذكرك لهم، أوترديدك
لهديهم.
ولهذا أمرنا أن نخاطبهم في أثناء سلامنا عليهم في الصلاة، لنستشعر حضورهم
معنا، وقد قال الله تعالى مشيرا إلى ذلك: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى
اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
[التوبة: 105]
وهكذا يمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تصحب المؤمنين، وفي كل العصور،
بقدر محبتك لهم، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ
فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)
ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ الله وَكَفَى بِالله عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70]
ذلك أن الحجاب الذي يحول بينك وبينهم ليس سوى هذا الجسد؛ فإذا ما تخليت
عن التعلق به، صرت معهم، وطرت معهم في تلك الجنان التي يتنعمون بها.
وبعد هذا كله يمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تصحب ملائكة الله؛ فقد
أخبر الله تعالى عن تنزلهم على الصالحين بقدر صلاحهم؛ فلكل عمل من الأعمال ملائكته
الخاصين