وهكذا يقرن الله تعالى مشاهد الإهانة بالأسباب الداعية لها، حتى يبين مدى
العدل الإلهي الذي يتعامل مع كل جهة بما اختارته لنفسها.
ولا تتوقف إهانة المستكبرين على تكريم الله على تلك المحطة، بل إنها
تستوعب كل المراحل التي يمر بها المنحرفون بعد الموت.. ولذلك يرد وصف العذاب بكونه
مهينا، وليس مؤلما فقط، كما قال تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ
لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [آل عمران: 178]
وقد وصف القرآن الكريم المستحقين لهذا النوع من العذاب، وكلها متناسبة مع
الإهانات التي يتعرضون لها، ومنها التمرد على الله ورسوله ومجاوزة الحدود، قال
تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ
يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [النساء: 14]
ومنها البخل وكتمان فضل الله، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ
يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾
[النساء: 37]