responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 228

﴿ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 62]

فإبليس لم يحسد آدم عليه السلام على شيء من النعم، كما حسده على ذلك التكريم الإلهي الخاص، وهو يدل على أن التكريم قد يفوق النعم الحسية جميعا.

وقد ورد في النصوص المقدسة ما يشير إلى أن الله تعالى بعدله ورحمته أتاح هذا التكريم لكل الخلق، وأنه هو الأصل، وأن البشر هم الذين يختارون بعد ذلك الإذلال والإهانة، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]

ويشبه ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تكرم بعض الناس، وتنزله محلا خاصا، وتثني عليه، لكنه بدل أن يتواضع، ويعرف فضلك عليه بذلك التكريم، ويشكرك عليه، يلجأ إلى التباهي والتعاظم والتفاخر، إلى أن يسقط من عينك ومن عين كل من رأى تكريمك له.

وهكذا البشر؛ فالله تعالى كرّمهم وأكرمهم، لكنهم بدل أن يتواضعوا، ويعرفوا فضل الله عليهم، وأنهم من دونه لا قيمة لهم، ولا كرامة، راحوا يزهون ويفخرون ويستعلون، ويقولون: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: 15]، و﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾ [الكهف: 36]

ولذلك كان جزاؤهم من جنس عملهم، وهو تحول التكريم إلى إهانة، فمن أكرم نفسه بعد تكريم الله لها استحق الكرامة، ومن أهانها، واستبدل نعمة الله كفرا، استحق الإهانة.

وتبدأ تلك الإهانة بعد الموت مباشرة كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ

اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست