اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 145
ثم ذكر نماذج على ذلك، منها أنه إذا
احتج به الزهاد والمتخلفون عن الدنيا على فضلهم، احتج به الداخلون في الدنيا
والولاية، وسياسة الرعية، لإقامة دين الله، وتنفيذ أمره.. وإذا احتج به الفقير
الصابر، احتج به الغني الشاكر.. وإذا احتج به أهل العبادة على فضل نوافل العبادة
وترجيحها، احتج به العارفون على فضل المعرفة.. وإذا احتج به أرباب التواضع والحلم،
احتج به أرباب العز والقهر للمبطلين والغلظة عليه والبطش بهم.. وإذا احتج به أرباب
الوقار والهيبة والرزانة، احتج به أرباب الخلق الحسن والمزاح المباح الذي لا يخرج
عن الحق، وحسن العشرة للأهل والأصحاب.. وإذا احتج به أصحاب الصدع بالحق والقول به
في المشهد والمغيب، احتج به أصحاب المداراة والحياء والكرم أن يبادروا الرجل بما
يكرهه في وجهه.. وإذا احتج به المتورعون على الورع المحمود، احتج به الميسرون
المسهلون الذين لا يخرجون عن سعة شريعته ويسرها وسهولتها.. وإذا احتج به من صرف
عنايته إلى إصلاح دينه وقلبه، احتج به من راعى إصلاح بدنه ومعيشته ودنياه، فإنه r بعث لصلاح الدنيا
والدين.. وإذا احتج به من لم يعلق قلبه بالأسباب ولا ركن إليها، احتج به من قام
بالأسباب ووضعها مواضعها وأعطاها حقها.. وإذا احتج به من جاع وصبر على الجوع، احتج
به من شبع وشكر ربه على الشبع.. وإذا احتج به من أخذ بالعفو والصفح والاحتمال، احتج
به من انتقم في مواضع الانتقام.. وإذا احتج به من أعطى لله ووالى الله، احتج به من
منع لله وعادى لله..
وهكذا كان a مثالا ونموذجا وقدوة في كل شؤونه، لأنه جمع الخير من أطرافه
جميعا؛ فالزم ـ أيها المريد الصادق ـ هديه واحذر من أن تنحرف بك السبل؛ فتنحرف عن
حقيقتك، فرسول الله a هو الإنسان الكامل الذي أمرنا أن نبني حقائقنا على نموذجه؛ فاسع
لأن تتحقق بذلك؛ فلن تنال كمال إلا بذلك.
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 145