اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 135
الحياة، وفي العسر اليسر، وفي الشدة الفرج.
ولهذا ذكر الله تعالى خطابه لأم موسى عليه السلام، فقال: ﴿
وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ
فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ
وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: 7]
ولثقة أم موسى عليه السلام بربها، وضعت ابنها في اليم.. واستسلمت لأمر
ربها.. وإذا به لا يسلم من القتل فقط، وإنما يربى في قصر فرعون، وتعود أمه إلى
تربيته وحضانته، وبمرتب جزيل من الإدارة الفرعونية التي كانت تبحث عنه لقتله، كما
قال تعالى: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ
هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ
نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا
تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا
يَعْلَمُونَ﴾ [القصص: 12، 13]
وبهذا السر لم ييأس يعقوب عليه السلام من أن يعود إليه ابنه، بل ظل على
أمله في الله على الرغم من أن كل شيء يتناقض مع ذلك الأمل، قال تعالى حكاية عن
حديثه مع أبنائه: ﴿يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ
وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ الله إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ الله
إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87]
وهذا ليس
خاصا بالأنبياء عليهم السلام، أو بمن ذكرهم القرآن الكريم، بل هو عام لكل الخلق،
وما ورد في القرآن الكريم ليس سوى نماذج تدعو إلى الاقتداء بها.
ولهذا أخبر
رسول الله a أن الأمل في الله، وانتظار
فرجه من أعظم العبادات، فقال: (سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل، وأفضل
العبادة انتظار الفرج)([96])
والسر في
ذلك هو أن القصد من العبادة خلاص القلب من كل الشوائب، وقطعه لكل