اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 109
كَانُوا يَكْسِبُونَ&﴾ [المطففين: 14]، والتي تشير إلى أن الحجب
الحائلة بين القلب ورؤية الأنوار هي بسبب الذنوب والمعاصي والمثالب.
ولهذا؛ فإن المؤمنين الذين امتلأوا بالأنوار في الدنيا، يطلبون من الذين
قصروا في التماس الأنوار في الدنيا بالعودة إليها لشحن أنفسهم منها، قال تعالى: ﴿يَوْمَ
يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا
نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾
[الحديد: 13]
ولهذا أخبر الله تعالى أن النور مبثوث في كل شيء؛ فكل شيء يدل على الله،
ويعرف به، ولكن العقول المملوءة بالدخن، والنفوس المملوءة بالهوى، تضع الغشاوات
والحجب عن العقول لئلا تبصر ذلك، قال تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35]
ثم أخبر أن هذه النور مثل السراج يحتاج أن يوضع في محل بحيث يتمكن من
الإضاءة، لمن يريد أن يستضيء به، قال تعالى: ﴿ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ
فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ
دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا
غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى
نُورٍ﴾ [النور: 35]
ثم أخبر أن ذلك النور بسبب حاجته للمبصر والمدرك، لا يهتدي إليه إلا
الصادقون المخلصون الذين نزعوا الحجب التي تحول بينهم وبين الرؤية، فقال: ﴿يَهْدِي
اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [النور: 35]
والقلب في ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ يشبه المرآة الصقيلة التي تتجلى
فيها صور الأشياء؛ فيكون تجليها واضحا بقدر صفائها وخلوها من الشوائب.. فإن لم تكن
كذلك، لم تر الحقائق بصورتها الجميلة، وإنما تراها مشوهة، لا تعبر عن الواقع بدقة.
ولعلك رأيت ـ أيها المريد الصادق ـ كيف تكون صورتك في مرآة مقعرة أو
محدبة أو
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 109