اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 9
أَعْرَضَ
عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا&﴾ [طه: 124]؛ فإن عالم النفس المطمئنة
عالم واسع ممتلئ بالبهجة والسكينة والطمأنينة، كما قال تعالى: ﴿ مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97]
وهكذا؛
فإن عالم النفس المطمئنة مختلف تماما عن عالم النفس الأمارة، وعالم النفس اللوامة.
وإن
شئت تشبيها تقريبيا لذلك.. فإن مثل هذه النفوس مثل شخص فقير مريض ممتلئ بالكآبة
يعيش بين اللصوص والمجرمين.. ثم فجأة يظهر له أن يفر من بين أيديهم، ويستعمل كل
الوسائل التي تعينه على ذلك.. وبعد جهد شديد يستطيع أن يصل إلى مدينة مملوءة
بالحكمة والصلاح.. تتوفر فيها كل المرافق الحضارية.. ويتاح له فيها أن يعالج نفسه
وروحه وكل لطائفه.. ويتاح له فيها أن يتنعم بكل ما حرم منه في ذلك المحل الذي كان
فيه.
فهكذا
النفس ـ أيها المريد الصادق ـ في مراتبها الثلاث.. فهي في مرتبتها الأولى مرتبة
النفس الأمارة مملوءة بالأمراض والكآبة لأنها تعيش في العالم الأسفل الغريب عنها،
عالم الظلمات، ومع الذين آثروا أن يعيشوا في ذلك العالم من شياطين الإنس والجن.
ثم
إنها بعد بغضها ذلك العالم، ومحاولتها الفرار منه، تتحول إلى نفس لوامة، تستعمل كل
الوسائل لتخرج من تلك المستنقعات التي تسكن فيها، ولتمحو كل الآثار التي علقت بها.
ثم
إنها بعد تمكنها من الفرار ووصولها إلى مدينة الصالحين تتحلى بأخلاقهم وطباعهم،
وتطمئن بها الحياة في تلك المدائن الجميلة.
وبناء
على هذا المثال التقريبي؛ فإن أول منزلة من منازل النفس المطمئنة هي [التحرر
والخلاص]، ذلك أنها المنزلة التي تمكنها من التخلص من القيود والأغلال التي كانت
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 9