اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 60
كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن دور العقل في عالم
النفس المطمئنة، وعن موقف أولئك الذين يذمونه، ويعتبرونه حجابا، ويعتبرون الكمال
في عزله.
وجوابا على سؤالك الوجيه
أذكر لك أن ذلك الذم الذي قرع سمعك عن العقل، لا يقصد به تلك النعمة الإلهية
العظمى التي أكرم الله تعالى بها نفوس عباده، حتى يميزوا بين الحق والباطل، والخير
والشر، وليتحكموا في نزواتهم وشهواتهم وغرائزهم؛ فلا تتحرك إلا بما تقتضيه قيم
الفطرة السليمة.
وإنما يقصدون به تلك
الغريزة الشيطانية التي تلبس لباس العقل، والعقل منها براء.. وقد أشار إليها
الإمام الصادق عندما سُئل ما العقل، فقال: «ما عُبد به الرحمن واكتسب به الجنان»
فقيل له: فالذي كان في معاوية، فقال: «تلك النكراء وتلك الشيطنة، وهي شبيهة
بالعقل، وليست بالعقل»([92])
والحكماء يسمونها [القوة
الوهمية]، ويعرفونها بأن (القوّة التي من شأنها استنباط وجوه المكر والحيل،
والتوصّل إلى الأغراض بالتلبيس والخدع، ومن أي طريق كان محللًا أو محرّماً،
جائزاً أو غير جائز)([93])
ويذكرون أنها إذا صارت في
خدمة القوّة الغضبية أصبح الإنسان جبّاراً في الأرض، فيطغى، ويعيث فيها فساداً،
ويتنكّر لكلّ خير، ويتنكّب كلّ شرّ.
وإذا صارت في خدمة القوّة
الشهوية فإنّها تهيئ لها كلّ وسيلة توصلها إلى غرضها،