responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 59

ومما يروى في هذا عن بعض الحكماء أنه سئل عن الوسوسة، فقال: (إنما مثل ذلك مثل البيت الذي يمر به اللصوص، فإن كان فيه شي ء عالجوه، وإلا مضوا وتركوه.. وكذلك القلب الخالي عن الهوى لا يدخله الشيطان)

وهذا ما يدل عليه قوله تعالى مخاطبا الشيطان: ﴿ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر: 41، 42]

وسر ذلك أن الله تعالى ـ بعدله ورحمته ـ ترك لكل عبد الحرية في اختياره؛ فإن آثر العبد عبودية الله، كان في حماية الله وجواره، وفرت منه الشياطين.. ومن آثر عبادة هواه، وما تمليه عليه نفسه تركه، وما هوى، وحينها تتسلط عليه الشياطين بظلماتها، كما قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 23]

فالإضلال الواردة في الآية الكريمة ليس إضلالا قهريا للعبد، وإنما هو استجابة لطلب العبد ورضاه، ذلك أن الله تعالى هداه النجدين، ثم ترك له بعد ذلك حرية الاختيار، والتي من خلالها يحدد العبد مصيره.

هذا جوابي على سؤالك ـ أيها المريد الصادق ـ فاحرص على أن تجعل من الدنيا سوقا لاكتساب الأنوار، وملئ قلبك بها، وسترى أن رؤيتك لكل شيء تتغير بحسب الأنوار التي تكسبها.. ذلك أن مصدر كل الهموم والغموم والكآبة والإحباط والوحشة هي تلك الظلمات التي تسكن القلب، وتجعله يرى الكون بصورة مرعبة على غير ما هو عليها، ولا علاج لذلك سوى أنوار الإيمان والعمل الصالح.

اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست