اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 44
والذين
يمرون بالآيات البينات، ثم يعرضون عنها، لا يفعلون ذلك إلا بسبب عمى العيون التي
في قلوبهم، قال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ
لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا
تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾
[الحج: 46]
والممتلئون
بالغفلة السادرون في غيهم، الذين يعرضون عن ذكر الله، ويسخرون منه، لا يفعلون ذلك
إلا للأمراض التي تعتري قلوبهم، قال تعالى: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ
حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ
مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ
وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [الأنبياء: 1 - 3]
والذين
يكتمون الشهادة، ويعرضون الحقوق بسببها للضياع لا يفعلون ذلك إلا للإثم الذين يسكن
قلوبهم، قال تعالى: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا
فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:
283]
والمتكبرون
والمتجبرون، لا يتكبرون ولا يتجبرون إلا بقلوبهم، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ
يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا
عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ
قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35]
وهكذا
ـ أيها المريد الصادق ـ يمكنك بالتأمل في كل هذه الصفات، والتي تشمل جميع التصرفات
الآثمة، أن تعرف القلب السليم.. فهو قلب خلا من كل تلك الأمراض، ولذلك صار طاهرا
طيبا مطمئنا، يسكن إلى الحق، ويسلم له، ويتبعه، ولا يرضى بديلا عنه، بل يضحي بكل
شيء في سبيله.
لقد
وصفه الله تعالى بذلك، فقال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا
ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ
زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: 2]،
فذلك الوجل
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 44