اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 42
ومرتبتك..
ذلك
أن كل الأوزار والمظالم والانغلاق الذي يقع فيه البشر يعود إلى قلوبهم، بسبب
تشربها للآثام، وإدمانها عليها، كما قال تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى
قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]
ولذلك
تدعو النصوص المقدسة إلى مراعاة القلوب، قبل مراعاة الأعمال؛ فحقيقة الإنسان ليست
في تلك الصورة، ولا تلك الحركات التي تبرز منها، وإنما في تلك الإدارة الخفية التي
تكمن وراء كل عمل من الأعمال أو موقف من المواقف.
فالمنغلقون
المتعصبون الذين لا يسمعون الحجج، ولا يقتنعون بها، لا يعود ذلك لخلل في تفكيرهم،
ولا في أدوات إدراكهم، وإنما لخلل في قلوبهم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ
لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى
أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 6، 7]
والذين
يسخرون بالدين، ومن المؤمنين، ويستهزئون بهم، ويتصورون أنهم يخادعونهم، لا يفعلون
ذلك إلا طاعة لما تمليه عليهم قلوبهم، قال تعالى:﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ
وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 8 - 10]
والذين
يتبعون المتشابهات، ويتركون المحكمات، ويسعون إلى إثارة الفتن لا يفعلون ذلك إلا
طاعة لقلوبهم، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ
فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ
تَأْوِيلِهِ﴾ [آل عمران: 7]
وأولئك
الذين يسارعون في الكفر، ويضللون الناس بألسنتهم، ويمارسون أثناء ذلك
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 42