اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 398
أما الكلمة التاسعة، فقوله
تعالى:﴿ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ﴾ أي: يوم القيامة، وفي هذا
توجيه للمؤمنين بتسليم الأمر لعدالة الله.. وكأنها تقول للمؤمنين المستعجلين: رويدكم..
ذروا هؤلاء الذين تبرأتم من أعمالهم لله.. فالله هو الحكم العدل الذي يحكم بينكم.
أما الكلمة العاشرة، فقوله
تعالى:﴿ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ أي: المرجع والمآب يوم الحساب.. في
هذا تذكير بالعدالة المطلقة التي تتجلى في ذلك اليوم العظيم الذي تنصب فيه
الموازين فلا تضيع مثقال ذرة، قال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ
أَجْراً عَظِيماً﴾ (النساء:40)، وقال:﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ
الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ
مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾
(الانبياء:47)
وهكذا يمكنك ـ أيها المريد
الصادق ـ بالتأمل في القرآن الكريم أن تجد ارتباط العدالة بكل المجالات، وتخلفها
يعني الانحراف عن السراط المستقيم، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّ
هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153]
ولذلك وصف الله تعالى
الأمة الصادقة في اتباعها لرسول الله a
بكونها أمة وسطا، أي بعيدة عن كل أنواع الانحراف، فقال: ﴿ وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ
الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143] أي جعلناكم عدولا
لانتهاجكم الطريق القويم والصراط المستقيم.
وهكذا نجد القرآن الكريم
يأمر بالتوسط والاعتدال في كل الشؤون حتى الخيرية منها، قال: ﴿ وَالَّذِينَ
إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ
قَوَامًا﴾[الفرقان: 67]، ثم قال: ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ
الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴾
[الفرقان: 75]،
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 398