اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 391
وانتهاء بالعلاقة بغيرهم،
والتي أمر الله تعالى بأن تمتلئ بالبر والقسط، فقال: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ
اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ
مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]
وانتهاء بالعلاقة بكل
الكون.. حتى تتحقق في المؤمن وراثة رسول الله a في
كونه رحمة للعالمين، وحتى يتحقق بمقضيات إيمانه بسعة الرحمة الإلهية.
لكن كل هذه المجالات ينبغي
أن تكون مصونة بالحدود الشرعية، ذلك أن رحمة الظالم قسوة على المظلوم، ورحمة
المستكبر قسوة على المستضعف.. لذلك أمر الله تعالى بالتخلي عن الرحمة عندما تنتهك
الحرمات، فقال: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ
اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ
عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2]
ذلك أن الرحمة بأمثال
هؤلاء ستملأ مجتمعات المسلمين بالرذائل والانحرافات، لذلك كان العلاج المتناسب
معها هو التشدد والقسوة، التي هي في حقيقتها مظهر من مظاهر الرحمة، كما عبر الشاعر
عن ذلك بقوله:
وقسا
ليزدجروا ومن يك راحما فليقس أحيانا على من يرحم
هذا جوابي على أسئلتك ـ
أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن تتخلق بهذه الأخلاق الربانية والنبوية، لتنزل نفسك
تلك المنازل الرفيعة التي حل فيها الأنبياء والأولياء.. فلا يمكنك أن ترتقي إلى
تلك المحال المقدسة، وتجلس في تلك المقاعد الممتلئة بالصدق إلا بعد أن تملأ قلبك
بما تمتلئ به قلوب الجالسين عليها.
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 391