اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 384
68 - 70]
وهكذا كان حال جميع الأنبياء عليهم السلام الذي تفنن قساة
القلوب من أقوامهم في مواجهتهم وحربهم، ومنهم رسول الله a
الذي قال عنه ربه: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ
لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾
[الإسراء: 76]
ثم ذكر أن ذلك سنة الأنبياء والصالحين مع أقوامهم، قال تعالى: ﴿سُنَّةَ
مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا
تَحْوِيلًا﴾ [الإسراء: 77]
وذكر القرآن الكريم مظاهر القسوة الحسية والمعنوية، والتي كانت
تنبع من النفوس الأمارة لقوم رسول الله a،
فقال: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ
يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ
الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا
لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
(31) وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ
فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
[الأنفال: 30 - 32]
ولذلك؛ فإن القسوة لا تنسجم مع المؤمن العادي، وفي أدنى درجات
إيمانه، فكيف تنسجم مع تلك النفس الراقية الممتلئة بالفضائل، والتي أنعم الله
عليها بالسكينة والطمأنينة نتيجة لذلك.
ولذلك أخبر رسول الله a
أن القلوب القاسية أبعد القلوب عن السعادة والفلاح، فقال: (لا تنزع الرّحمة إلّا من
شقيّ)([910])
وأخبر
أن الله تعالى يعامل عباده بحسب ما يعامل به بعضهم بعضا، فقال: (لا يرحم