وأثنى على العمل المؤدي إلى العفاف، وأخبر أنه جهاد في سبيل
الله، فقد روي أنه مرّ عليه رجل نشيط، فقال أصحابه عند رؤيته: يا رسول الله! لو
كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله a: (إن كان خرج
يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين
فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفّها فهو في سبيل الله، وإن كان
خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشّيطان)([908])
ومثّل رسول الله a
مثل جميع الأنبياء العفة في قمة قممها، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ)
(الأنعام:90)، وقال: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا
مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ (الفرقان:57)، وقال: ﴿قُلْ
مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾
(صّ:86)
ولهذا اعتبر القرآن الكريم
من أدلة صدق رسول الله a عفافه عن أموالهم،
قال تعالى: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾
(الطور:40)، وقال: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ
وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ (المؤمنون:72)
فالنبي صلى الله عليه وآله
وسلم لم يكن ينال على تلك الوظيفة الخطيرة التي كلف بها، والتي جعلته لا يرتاح ليل
نهار، أي أجر سوى الأجر الذي أعده الله له.
وفي الحديث روي أنه قال: (إنّي لأنقلب إلى أهلي فأجد التّمرة
ساقطة على فراشي، ثمّ أرفعها لآكلها ثمّ أخشى أن تكون صدقة فألقيها)([909])