responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 354

إن الشفقة واسعة، إذ الوالد الذي يشفق على أولاده يشفق أيضاً على جميع الصغار، بل حتى على ذوي الأرواح فيبين نوعاً من أنوار إسم (الرحيم) المحيط بكل شيء.. ثم إن الشفقة خالصة، لا تطلب شيئاً من المشفق عليه، فهي صافية لا تطلب عوضاً. والدليل على هذا، الشفقة المقرونة بالتضحية التي يحملها والدات الحيوانات، والتي هي أدنى مراتب الشفقة، فهي لا تطلب مقابل شفقتها شيئاً، بينما العشق يطلب الأجرة والعوض. وما نواح العاشقين إلا نوع من الطلب، وسؤال للأجرة)([841])

وضرب المثل على ذلك بيعقوب عليه السلام، فقال: (إن المشاعر والأحاسيس الشديدة التي كان يشعر بها سيدنا يعقوب تجاه سيدنا يوسف عليهما السلام ليست هي مشاعر نابعة من المحبة والعشق، وإنما هي نابعة من الشفقة، لأن الشفقة أنفذ من المحبة والعشق، وأسطع منهما وأعلى وأنزه، فهي الأليق بمقام النبوة)([842])

وقال آخر في بيان علاقة الخشية بالمعرفة الإلهية: (خير العلم ما كانت الخشية معه، وذلك لأن الخشية إنما تنشأ عن العلم بصفات الحق. فشاهد العلم الذي هو مطلوب الله: الخشية، وشاهد الخشية: موافقة الأمر)([843])

وذكر آخر دور الخشية في التزكية والترقية، وفي جميع مراحل السلوك، فقال: (إن الخشية تحجز عن المعاصي والقبائح، وتدعو للمحاسن والمصالح، وفقدها ينفي ذلك لا سيما مع وجود العلم المؤيد بالتأويل، ولذلك قيل: من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق.. والثاني: إن الخشية توجب التحقيق في التحصيل، والنصح في التوصيل، والإنصاف في


[841] أنوار الحقيقة، ص 28.

[842] أنوار الحقيقة، ص 27.

[843]إسماعيل حقي، تفسير روح البيان، ج 2 ص 71.

اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست