اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 337
مؤمن، ولايسرق السارق وهو مؤمن، وإنما أعني مادام على بطنها، فاذا
توضأ وتاب كان في حال غير ذلك) ([787])
وهذا يدل على أن الإيمان الكامل الذي لا يكتفي بالعقل، ولا
القلب، وإنما يمتد إلى الجوارح والسلوك هو الذي يوفر للمؤمن القابلية لتنزل
السكينة.. أو هي بالتعبير القرآني: روح جديدة للمؤمن تمكنه من ممارسة حياته وكل
سلوكاته بهدوء وطمأنينة وعقلانية.
وقد اتفق على هذا المعنى كل الحكماء الذين اعتبروا السكون
والسكينة فضلا إلهيا يتنزل على المحال القابلة له، ومن ذلك قول بعضهم: (من أراد أن
يزداد سكينة فليصل إلى المعرفة، فإن المعرفة الإلهية توجب السكينة في القلب، كما
أن القلب يوجب السكون)([788])
واعتبر آخر السكينة نوعا
من البصيرة أو قريبة منها، فقال: (الفرق بين البصيرة والسكينة: هو أن البصيرة
مكشوفة، والسكينة مستورة)([789])
وقال آخر: (البصيرة
مكشوفة، والسكينة مستورة، ألا ترى إلى قوله: ﴿هُوَ الَّذي أَنْزَلَ
السَّكينَةَ في قُلوبِ الْمُؤْمِنينَ﴾، فبالسكينة ظهرت البصيرة، والسكينة
هداية، والبصيرة عناية، وإذا أكرم العبد بالسكينة يصير المفقود عنده موجوداً،
والموجود مفقوداً)([790])
وهذا يدل على أن السكينة
هي التي توفر البيئة المناسبة للبصيرة.. ذلك أنه لا يمكن لمن يريد مشاهدة الحقائق
برأي العين أن يكون مضطربا، فهو يحول بينه وبين الرؤية الصحيحة.
وهكذا ترتبط السكينة
باليقين، كما قال بعضهم: (السكينة.. هي نور اليقين،