اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 329
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن حقيقة الحياء، تجعله مرتبطا بكل الأعمال
الظاهرة والباطنة، ولهذا ورد في الحديث عن رسول الله a أنه قال: (استحيوا من الله حقّ
الحياء)، فقيل له: يا رسول الله إنّا نستحيي والحمد لله، قال: (ليس ذاك، ولكنّ الاستحياء من الله حقّ الحياء: أن تحفظ الرّأس وما وعى،
والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدّنيا، فمن فعل
ذلك فقد استحيا من الله حقّ الحياء)([771])
ويروى
عن الإمام الصادق أنه قال: (الحياء خمسة أنواع: حياء ذنب، وحياء تقصير، وحياء كرامة،
وحياء حب، وحياء هيبة، لكل واحد من ذلك أهل ولأهله مرتبة على حدة)([772])
وقسم بعض
الحكماء الحياء إلى عشرة أنواع، وهي: (حياء جناية، وحياء تقصير، وحياء إجلال،
وحياء كرم، وحياء حشمة، وحياء استحقار النّفس واستصغارها، وحياء محبّة، وحياء
عبوديّة، وحياء شرف وعزّة، وحياء المستحيي من نفسه) ([773])
ثم فسرها،
فقال: (أما حياء الجناية: فمنه حياء آدم عليه السّلام لمّا فرّ هاربا في الجنّة.
قال الله تعالى: (أ فرارا منّي يا آدم؟) قال: لا يا ربّ. بل حياء منك.. وحياء
التّقصير: كحياء الملائكة الّذين يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون، فإذا كان يوم
القيامة قالوا سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك.. وحياء الإجلال: وهو حياء المعرفة،
وعلى حسب معرفة العبد بربّه يكون حياؤه منه.. وحياء الكرم: كحياء النّبيّ a من القوم الّذين دعاهم إلى
وليمة زينب، وطوّلوا الجلوس عنده، فقام واستحيى أن يقول لهم: انصرفوا.. وحياء
الاستحقار، واستصغار