responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 302

زهد العارفین

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الزهد وحقيقته ومنزلته ومجالاته ودرجاته، وسر علاقته بالنفس المطمئنة.

وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن الزهد ـ بحقيقته الشرعية ـ من المنازل الضرورية للنفس المطمئنة، لأنه لا يمكن أن تترقى النفس إلى تلك المرتبة الرفيعة في سلم كمالها، وهي لا تزال تتثاقل إلى الأرض، أو تحمل تلك الأوهام التي تحملها النفس الأمارة، والتي تجعلها تفضل الأولى على الآخرة، والعاجلة على الآجلة، والخلق على الله.

بل إنه لا يمكن التحقق بكل مقامات الدين إلا بعد تحقق النفس بالزهد، ولو في أدنى درجاته.. ذلك أن كل خلق من الأخلاق يقتضي زهدا خاصا به لولاه لم يتحقق ذلك الخلق.

فالذي يصدق، لم يفعل ذلك إلا لاعتقاده أن الكذب ـ مهما جلب من المصالح ـ رديء ومهلك، وأن العاقبة في الصدق، ولذلك زهد في المصالح لأجله.. ولو أنه كان صاحب رغبة وتثاقل إلى الأهواء لما استطاع التخلص من كذبه.

وهكذا العفيف.. فهو لا يفعل ذلك إلا لنفور نفسه من تلك الشهوات التي قد تجره إلى خراب حقيقته وآخرته.. ولذلك ترك اللذات العاجلة طلبا للذات الآجلة.

وهكذا الكريم.. فهو لا يفعل ذلك بغضا في المال، وإنما طمعا في أن يتحول ذلك المال إلى أداة تجلب له رضوان الله ونعيمه.. ولو كان حريصا على الدنيا وحطامها، لما استطاع فعل ذلك.

وهكذا الشجاع.. فهو لا يضحي بنفسه، ويقدم بها على مواضع الخطر إلا لتحققه

اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست