اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 256
وقال: (ليس على الجوارح عبادة أخفّ
مؤنة، وأفضل منزلة، وأعظم قدراً عند الله من الكلام في رضا الله ولوجهه، ونشر
آلائه ونعمائه في عباده، ألا ترى أنّ الله عزّ وجلّ لم يجعل فيما بينه وبين رسله
معنى، يكشف ما أسرّ إليهم من مكنونات علمه، ومخزونات وحيه غير الكلام)([561])
إذا
وعيت كل هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أنك لا يمكن أن تتحقق بلسان الصدق إلا
بشرطين، أولهما مرتبط بعلاقتك بربك، وثانيهما بعلاقتك بالخلق.
أما
الأول منهما، وهو علاقتك بالله تعالى؛ فبحديثك معه؛ فلا يصح أن تتحدث مع كل الخلق،
ثم لا تتحدث معه، وحديثك مع ربك يكون بتلاوتك لكتابه، وكثرة ذكره ومناجاته، مع
استشعار حضوره وسماعه.
وقد
ذكرت لك في رسائلي السابقة الكثير من النصوص المقدسة التي ترغبك في قراءة القرآن
الكريم والذكر والدعاء والمناجاة فتأمل فيها، واجعل للسانك حظا منها؛ فلا يمكنه أن
يتطهر ولا أن يترقى من دون ذلك.
وأما
الثاني، وهو علاقتك بالخلق؛ فلا تكتفي بتنزيه لسانك عن الغيبة والنميمة والأذى،
فذلك شأن البطالين الكسالى المقعدين.. بل أضف إلى ذلك استعماله في نصيحتهم ودعوتهم
إلى ربك.. حتى لا تكون علاقتك مع الخلق حجابا عن علاقتك بربك.
وقد أخبر a عن الأجور العظيمة التي ينالها من
يفعل ذلك، وهو ما يحرم منه من آثروا الصمت، واعتزلوا الناس، فقد قال: (لأن يهدي
الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم) ([562])