اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 215
مُتَّكِئِينَ عَلَى
فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا
الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ&﴾ [الرحمن: 46
- 61]، ويدل على هذا أن الله تعالى قال بعد ذكره لهذا النعيم: ﴿وَمِنْ
دُونِهِمَا جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: 62]، أي تحتهما في الفضل، وهذا يدل على أن
الجنة الأولى هي جنة المقربين.
وقد ورد في الحديث أن موسى
عليه السلام سأل ربه عن أدنى أهل الجنة منزلة أجابه، لكن عندما سأله عن أعلاهم
منزلة قال: (أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين ولم تسمع
أذن ولم يخطر على قلب بشر) ([432])
وفي الحديث القدسي قال a:
(قال اللّه تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على
قلب بشر) ([433])
ولهذا عندما ذكر الله
هؤلاء المقربين العارفين بربهم الساجدين بكل كيانهم له، فقال ﴿إِنَّمَا
يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى
جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة: 15، 16] ذكر بعدها ما أعد لهم من
النعيم، فقال: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ
أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 17]
وقد عبر الحكماء عن الكثير
من هذه المعاني، وأسراها، فقال بعضهم: (الهم لا يكون