وهذا ليس خاصا بإبراهيم
عليه السلام، بل إن الله تعالى لكل إنسان إذا ما استيقظ من نوم غفلته أن يرى
الحقائق بقلبه، ويطمئن لها، وتلك اليقظة.
وقد ورد في الحديث أن بعض
الصحابة قال لرسول الله a:يا رسول اللّه، نكون
عندك تذكّرنا بالنّار والجنّة، حتّى كأنّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا
الأزواج والأولاد والضّيعات، نسينا كثيرا، فقال رسول اللّه a: (والّذي
نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذّكر، لصافحتكم الملائكة على
فرشكم وفي طرقكم، ولكن ساعة وساعة)([406])
ولهذا، فإن اليقظة تتطلب
أمرين لا يمكن أن تحقق من دونهما:
أولهما: التعرف على
الحقائق التي يقوم عليها الكون، مثلما يتعرف المستيقظ على المحل الذي هو فيه،
والذي كان غافلا عنه بالنوم..
والثاني: أن يتعرف على
نفسه وحقيقته ومحله وكل ما يرتبط به، ليؤدي الوظائف المناطة به، والتي كان النوم
يحول بينه وبينها.
وكل هذا يشبه المستيقظ من
النوم تماما.. فالمستيقظ يعرف حقيقته وحقيقة ما يحيط به.. بخلاف النائم الذي انشغل
عن كلا المعنيين.
ولتعلم حقيقة هذا تحتاج
إلى التعرف على الفرق بين رؤية الحقائق والعلم بها.. فالعلم قد تجده عند أكثر
الناس، بل عند أغلظهم طبعا.. لكن الكثير ينشغل عن العلم