ولذلك عرفه حكماء المسلمين بأنه (مصطلح على اللطيفة الربَّانية
المرتبطة بالقلب الجسماني الصنوبري المودع من الصدر، وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان) ([9])
ونحن ـ أيها المريد الصادق
ـ وإن كنا لا نعرف بالضبط علاقة تلك اللطيفة الربانية التي وكل الله تعالى لها
إدارة النفس الإنسانية بالقلب الجسدي إلا أننا ـ من خلال إيماننا بدقة المصطلحات
القرآنية ـ نوقن بأن لهما علاقة وطيدة.
ولكن ذلك لا يدعونا إلى أن
نشغل بالنا بالبحث في مثل هذه المسائل ذلك أنها تستدعي معرفة حقيقة تلك اللطيفة،
وهو مستحيل لأجهزتنا الحسية، ذلك أن تلك اللطيفة في الحقيقة ليست سوى روح الإنسان،
والتي تتسمى بالتسميات المختلفة بحسب أدوارها ووظائفها.
وقد عبر بعض الحكماء عن ذلك، فقال: (أما سؤالك: ما حقيقة القلب؟ فلم يجئ في
الشريعة أكثر من قول الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾
[الإسراء: 85].. لأن الروح من جملة القدرة الإلهية، وهو من عالم الأمر، قال الله
عز وجل: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف: 54]..
فالإنسان من عالم الخلق من جانب، ومن عالم الأمر من جانب؛ فكل شيء يجوز عليه
المساحة والمقدار والكيفية فهو من عالم الخلق. وليس للقلب مساحة ولا مقدار؛ ولهذا
لا يقبل القسمة، ولو قبل القسمة لكان من عالم الخلق، وكان من جانب الجهل جاهلا ومن
جانب العلم عالما، وكل شيء يكون فيه علم وجهل فهو محال. وفي معنى آخر هو من عالم
الأمر؛