اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 18
اثبات والاستقرار
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عما ورد في النصوص المقدسة من تقلب القلوب
وتغيرها، وهل أن ذلك خاص بالنفوس الأمارة، أم أن النفوس المطمئنة يعتريها ذلك
التغير والتبدل الذي يعتري غيرها من النفوس.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أنه مثلما تكون الإدارة المتحكمة في عالم السياسة
والاقتصاد وغيرها هي المحددة لوجهتها، والضابطة لسلوكاتها ومواقفها؛ فكذلك الأمر
في عالم النفس.
فقد
جعل الله تعالى بحكمته في خلقه للطائف الإنسانية إدارة وقيادة تتحكم فيها، وبناء
على تلك الإدارة تفترق النفوس، وتتميز.. فالنفوس لا تختلف في مكونها، وإنما في
الجهة التي تديرها، وتضبط تصرفاتها.
وقد
سمى القرآن الكريم تلك الجهة قلبا.. لا بمعناها الحرفي الجسدي الذي نعرفه؛ وإنما
بمعناها الآخر، والذي يعني الجهاز المتحكم في الإنسان، والذي يتخذ القرارات
المناسبة.
ولعله
سمي كذلك لكون القلب هو الجهاز الذي يرسل الدم إلى جميع الجسم، وبذلك صار كأنه
المتحكم فيه، ولذلك إن مرض القلب أصاب المرض سائر الجسد، وتوقفه عن العمل يعني
الموت.
وهذا
القلب الذي جعله الله تعالى مديرا للنفس، هو نفس ما يطلق عليه الفلاسفة: (النفس
الناطقة، والروح الباطنة، والنفس الحيوانية المركبة، وهي النفس المدركة العالمة من
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 18