اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 159
بحسب الحالة التي تكون
عليها النفس المطمئنة.. وهي درجات لا نهاية لها.
وإياك ـ أيها المريد
الصادق ـ أن تكون من الذين حُجبوا بالألفاظ عن المعاني، فتتوهم أن هذه الاصطلاحات
التي اُصطلح عليها، والتي اُعتبر التوكل بموجبها أدنى درجة من التفويض والتسليم،
منطبقة على ما ورد في النصوص المقدسة، من الألفاظ، وتتوهم بذلك أن حال مؤمن آل
فرعون أفضل من حال غيره من الأنبياء والصالحين، لأنه ذكر التفويض، وهم ذكروا
التوكل.
فلفظ التوكل يشمل الجميع،
ذلك أن التفويض والتسليم وغيرها من الألفاظ تدل على معنى واحد، وهو تسليم الأمر
إلى الوكيل ثقة به وبتدبيره.
وقد وصف الله تعالى أفضل
عباده وأشرفهم بالتحقق بهذه المعاني السامية علما وعملا وحالا، وفي أصعب الظروف
وأشدها، والتي يُمتحن فيها التوكل الحقيقي الصادق.
ومن ذلك ما أخبر الله
تعالى عنه من تحدي الأنبياء عليهم السلام لأقوامهم، فلم يبهرهم ما أعد لهم من صنوف
الفتن، قال تعالى ذاكرا قول هود عليه السلام لقومه بعد تكذيبهم له: ﴿إِنِّي
أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ
دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ
عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ
بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾ (هود)
وأخبر الله تعالى عن موقف موسى
عليه السلام عندما وقع بين البحر وجيش فرعون، فقال بكل هدوء: ﴿كَلاَّ إنَّ
مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (الشعراء: 62)، فموسى عليه السلام لم يثق في
ذلك الموقف الحرج بنفسه، وقد أُعطي من المعجزات وخوارق العادات ما أعطي، وإنما
كانت ثقته بتوكله على الذي يستطيع أن يجعله فوق الإمكانات البشرية.
ومثل ذلك أخبر عن رسول
الله a والذين معه عند معاينتهم للأحزاب الذي
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 159