اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 134
الله كالعدم بالنسبة إلى
الوجود، وكيف والجنة مرغوب الشهوة، والرضوان صفة الحق وأي مناسبة بينهما)([251])
ويدل على هذا قوله تعالى،
وهو يخاطب النفس المطمئنة التي لا تقبض انتزاعا ـ كما تقبض أرواح المتمردين على
الله ـ وإنما تقبض بأمرها، بالرجوع إلى بارئها فتطير شوقا إليه، قال تعالى: ﴿يَاأَيَّتُهَا
النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً
(28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر: 27 - 30]
وهكذا يقترن الرضا عن الله
تعالى بالراحة والفرح في أحاديث رسول الله a،
ومن ذلك قوله a: (إن اللّه بحكمته وجلاله جعل الرَّوح([252]) والفرح في الرضا واليقين وجعل
الهم والحزن في الشك والسخط)([253])
وأخبر a
أن هذه المنزلة الرفيعة لا ينالها لفضلها إلا العلماء بالله، الذين أداهم علمهم
[251]
مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (12/ 469)،، والفخر الرازي يخالف ـ بهذا ـ الأسلوب
الجاف الذي يتعامل به المتكلمون عادة مع مثل هذه الأمور، وقد عقب على قوله هذا
بقوله:(وهذا الكلام يشمئز منه طبع المتكلم الظاهري، ولكن كل ميسر لما خلق له)
وقد بين الغزالي علة
إنكار بعض المتكلمين للرضى بقوله:(اعلم أنّ من قال: ليس فيما يخالف الهوى وأنواع
البلاء إلا الصبر فأما الرضا فلا يتصوّر؟ فإنما أتى من ناحية إنكار المحبة، فأما
إذا ثبت تصوّر الحب لله تعالى واستغراق الهم به فلا يخفى أنّ الحب يورث الرضا
بأفعال الحبـيب)، الإحياء: 4/347.