اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 133
الرضای المطلق
كتبت إلي ـ أيها المريد
الصادق ـ تسألني عن الرضا عن الله تعالى، وحقيقته، وعلاماته، ومجالاته، ودرجاته، وكيفية
تحصيله، وسر كونه من منازل النفس المطمئنة.
وجوابا على سؤالك الوجيه
أذكر لك أن الرضا عن الله تعالى من المنازل الضرورية لأصحاب النفوس المطمئنة؛ فلا
يمكن أن تطمئن نفس تعارض ربها، أو تختار ما لم يختر لها، أو تتمنى أن تكون على حال
غير التي أنزلها فيها، أو تتعرض لامتحانات غير التي امتحنها بها.
ولذلك بين الله تعالى أن هذه
المنزلة هي منزلة الصادقين مع ربهم، فلا يزال رضاهم بالله ورضاهم عنه رائد علاقتهم
بربهم إلى يوم يلقونه، قال تعالى: ﴿قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ
الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [المائدة: 119]
وللآثار الحميدة التي يتركها الرضا في
النفس، على خلاف تلك الآثار التي يتركها الجزع والاعتراض، نجد ارتباط كل الآيات
التي تتحدث عن الرضوان المتبادل بين الله تعالى وعباده الصالحين، بالجنة؛ وكأنها
تشير إلى أن الرضوان جنة أخرى من جنان الله، وهي جنة لا تختص بالآخرة، بل تعجل
للمؤمنين في الدنيا.
ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: ﴿جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [البينة: 8]
وقد علق عليها بعض الحكماء
بقوله: (ثبت عند أرباب الألباب أن جملة الجنة
بما فيها بالنسبة إلى رضوان
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 133