اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 108
الحب
المقدس
كتبت إلي ـ أيها المريد
الصادق ـ تسألني عن حب الله، وحقيقته، ومنزلته، وأسبابه الميسرة لتحصيله، وعلاقته
بالنفس المطمئنة ومراتبها، وعلاقته بعد ذلك وقبله بالتزكية والترقية.
وجوابا على سؤالك الوجيه
أذكر لك أن محبة الله أشرف المراتب، وأعلاها، وهي أم لكل المكارم، ومن تحلى بها،
تحقق بالسعادة التي لا شقاوة بعدها، وبالفرح الذي لا حزن بعده، وبالرضا الذي لا
يكتنفه سخط، وبالأنس الذي لا تعتريه وحشة.
ولهذا وصف الله تعالى بها المؤمنين الصادقين، فقال: ﴿
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ
يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54]
فانظر كيف بدأ الله تعالى بالمحبة، ثم عقبها بكل تلك الصفات
الطيبة، ليدل على أنها البذرة الطيبة التي أثمرت كل تلك الخلال الزكية.
وهكذا أخبر القرآن الكريم
عن شدة حب المؤمنين لله، وهو وصف لم يصفهم به إلا في هذا الموضع، للدلالة على أن
شرف المحبة بقدر شدتها، قالت تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ
دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا
أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ) (البقرة: 165)
بل إن الله تعالى أخبر أن
الإيمان الحقيقي لا يتحقق إلا للمحبين، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ
آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ
وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ
تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي
سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 108