responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 405

يحقق ما قبله، فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته، فلا ينتقل إلى عمل الطريقة حتى يحقق عمل الشريعة وترتاض جوارحه معها بأن يحقق التوبة بشروطها ويحقق التقوى بأركانها ويحقق الاستقامة بأقسامها وهي متابعة الرسول a في أقواله وأفعاله وأحواله، فإذا تزكي الظاهر وتنور بالشريعة انتقل من عمل الشريعة الظاهرة إلى عمل الطريقة الباطنة، وهي التصفية من أوصاف البشرية.. فإذا تطهر من أوصاف البشرية تحلى بأوصاف الروحانية، وهي الأدب مع الله في تجلياته التي هي مظاهره) ([486])

وبناء على هذا، فإن الطريقة هي المرحلة الوسطى في السلوك، والتي يخرج بها السالك من عموم الناس إلى خصوصهم، أو هي المرحلة التي ينتقل فيها من رعاية جوارحه إلى رعاية قلبه، أو هي المرحلة التي لا يكتفي فيها باسم الإسلام، وإنما ينتقل إلى اسم الإيمان، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 14]

وبناء على هذا لا تنافر بين هذه المفردات الثلاثة، بل هي مراحل في التعمق في التحقق بالدين، لا على مستوى الجوارح فقط، بل على مستوى الكيان كله.

وقد سئل بعض الحكماء عن معنى الشريعة، والطريقة، والحقيقة، وهل هناك تنافر بينها، وكان مما أجاب به قوله: (إنّ الشريعة هي عبارة عن الأحكام المنزلة على سيدنا محمد a المستفادة من قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، والطريقة عبارة عن تطبيق تلك الأحكام على أعمال المكلّف، ظاهرا وباطنا، تطبيقا محكما، والحقيقة هي ما يحصل للمريد من المعارف والعلوم الناشئة عن أعماله، قال تعالى: ﴿واتَّقوا اللهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللهُ ﴾ [البقرة: 282]، وإذا لا تنافر بهذا الاعتبار، إنّما هي ألفاظ منها ما وضع


[486] ابن عجيبة، إيقاظ الهمم شرح متن الحكم، ص 5.

اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 405
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست