responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 387

والذات، وإنما يعنون فناء الشعور والمشاهدة.

لكن ذلك لا يستمر طويلا؛ فالسالك يعود إلى رؤية نفسه، لكن لا باعتبارها قائمة به، وإنما باعتبارها قائمة بربها، وهذا ما يطلقون عليه لقب البقاء.. فالباقي بالله هو ذلك الذي يرى الكون كله مستندا إلى الله في وجوده.. ولذلك يجمع بين الرؤيتين، بخلاف الفاني الذي يكتفي برؤية واحدة.

وقد عبر عن هذه المعاني كل الحكماء، ونبهوا المريدين أو المنكرين عليهم بأنهم لا يقصدون بالفناء فناء الأعيان، وإنما فناء المشاهدة والاستغراق، وقد قال بعضهم معبرا عن ذلك: (علم الفناء والبقاء هو ما يدور على إخلاص الوحدانية، وصحة العبودية، وما كان غير هذا فهي المغاليط والزندقة)([432])

وذكر آخر سر التسمية بذلك، فقال: (الفناء والبقاء يعنيان المغلوبية والغلبة؛ فإذا غلب على الإنسان شيء من تلك اللطائف، وصار مغلوباً لها وظهر عليه أحكامها قالوا: فنى الرجل في كذا، وبقى في كذا)([433])

وذكر آخر علاقة ذلك بالسلوك والسير، فقال: (الفناء والبقاء اسمان وهما نعتان لعبد موحد يتعرض الارتقاء في توحيده من درجة العموم إلى درجة الخصوص، ومعنى الفناء والبقاء في أوائله: فناء الجهل ببقاء العلم، وفناء المعصية ببقاء الطاعة، وفناء الغفلة ببقاء الذكر، وفناء رؤيا حركات العبد لبقاء رؤيا عناية الله تعالى في سابق العلم)([434])

وقال آخر: (أشار القوم بالفناء: إلى سقوط الأوصاف المذمومة، وأشاروا بالبقاء إلى


[432] أبو عبد الرحمن السلمي، حقائق التفسير، ص 1159.

[433] ولي الله الدهلوي، التفهيمات الإلهية، ج1 ص241.

[434] السراج الطوسي، اللمع في التصوف، ص 213.

اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست