responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 29

وتصوراتهم؛ فأنزلوه عن قدوسيته وسبوحيته وجلاله إلى قياسه بخلقه، وتحويله إلى شبيه لهم.

ويستوي في هذا كل من تحدث في معرفة الله، وتوهم أنه قد أحاط بالحقائق، وراح يصورها بدقة، وكأنه شاهدها، من غير أن يكون له بذلك سلطان من وحي إلهي، أو من برهان عقلي.

فلذلك لا تطلب ـ أيها المريد الصادق ـ أن تتحقق بتلك المعرفة التي يذكرونها.. فهي الجهل عينه.. فالعارف بالله هو الذي لا يستند في معرفته بربه إلا لربه.. ويتواضع، وينتظر فتوح الله عليه في هذا العالم، أو في العوالم التي أعد الله له فيها من القدرات ما يمكنه أن ينهل من المعرفة الصحيحة ما يحفظه من المعرفة المدسوسة.

وأنا أذكر لك هذا ـ أيها المريد الصادق ـ حتى لا تكون ضحية لبعض من يدعي المعرفة بالله، ثم يرسم لك صورة لحقائق جميع الأشياء، ويطالبك بأن تعتقد ما فيها لتتحقق بالمعرفة.. فكما أن الله منزه مقدس.. فكذلك معرفته منزهة مقدسة.. ويستحيل أن تُتلقى بتلك الطرق التي يذكرونها، والتي يختلط فيها الحق بالباطل، والوحي بالهوى، والإلهام الإلهي بالإلهام الشيطاني.

وهذا ليس قولي ـ أيها المريد الصادق ـ بل هو قول كل الهداة الذين كلفنا بالرجوع إليهم، وقد قال الإمام الإمام علي يصف الله تعالى: (لا تحيط به الأفكار، ولا تقدّره العقول، ولا تقع عليه الأوهام، فكلّ ما قدّره عقل أو عرف له مثل فهو محدود) ([38])

وقال الإمام الحسن: (لا تدرك العقول وأوهامها، ولا الفكر وخطراتها، ولا الألباب


[38] التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ص 76 ـ 77.

اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست