responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 12

بالأشياء؛ فإن السالك الصادق لا يشتغل بها، لا احتقارا لها، وإنما لافتقاده للطريق إليها، والأستاذ المعصوم الذي يعلم علومها.

قد يقال لك ـ أيها المريد الصادق ـ بأن الخلوات هي الطريق إليها، وأن الملتزم بها تفتح له غرائب العلوم ويرى عجائبها.. وذلك مما لا أستطيع أن أنكره أو أكذبه.. لكنه يظل حالا محدودا بصاحبه، لأن الأخطاء قد تعتريه، والأوهام قد تتلبس به.. لذلك كان إدخاله إلى السلوك والتربية والتزكية نوعا من التنفير عنها، والحجاب بين السالك الصادق وبينها.

بناء على هذا كله، اعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أنك لن تختلف عن قومك ـ عند سلوكك الصادق لله ـ في العلوم التي يعرفونها، بل قد يوجد فيهم من لديه من ظواهر العلوم ما ليس لك.. ولكن العبرة ليست بتلك العلوم، وإنما بتلك الطمأنينة لها، والرضا عنها، والذي يجعل قلبك مرآة تتجلى فيه الحقائق كما هي، وبصورتها الجميلة التي قد تعبر عنها بنفس تعبير الآخرين، ولكن تعبيرك ناشئ عن رؤية، لا عن حفظ.

وإن شئت ـ أيها المريد الصادق ـ مثالا يقرب لك هذا.. فاعلم أن معارف السالكين بدرجاتهم المختلفة تشبه جمعا من الناس أصحاب قدرات بصرية مختلفة تبدأ بالبصير الذي يرى الأشياء كما هي، وبدقة عالية.. وتنتهي بالأعمى الذي لا يرى شيئا.. وقد كُلفوا جميعا بوصف شيء أمامهم.

أما البصير فراح يصف ما رآه.. وكما هو.. وأما غيره فراح يقلد ما قاله غيره، ويكرر ما ذكره.. حتى الأعمى، وبذاكرته القوية ردد كل ما وصفه غيره، وربما بدقة أكثر.

فهكذا حال العارفين.. فهم لا يضيفون شيئا جديدا للمعارف التي جاءت بها النبوة، وإنما يرون تلك المعارف بصورة أدق من تلك التي يراها أصحاب البصر الضعيف.

لذلك كان الطريق إلى الله هو التحقق بالمعارف التي جاءت بها النبوة، وتحويلها من

اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست