اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 97
بالآثام الظاهرة والباطنة، وحتى لا تتسرب
إليها وساوس الشياطين، وما يدلون به من حبال الغرور.
وقد
كان من رحمة الله تعالى بعباده أمره لهم بتسبيحه بألسنتهم، ذلك أن الظاهر يؤثر في
الباطن، وما تكرر ذكره على اللسان تقررت حقيقته في القلب.. ولذلك يلجأ العقلاء إلى
ما يطيقونه، وهو جوارحهم، ليتحكموا بها في قلوبهم.
ولهذا
اقترن الحث على التسبيح في القرآن الكريم بتطهير الله لقلوب عباده، قال تعالى: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 41، 42]، ثم بين عاقبة من يلتزم بذلك،
فقال: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ
مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾
[الأحزاب: 43]
وبما
أن الباطن لا يتأثر بالظاهر إلا بتكرره الكثير، مع الاستمرارية والدوام؛ فقد دعا
القرآن الكريم إلى التسبيح في كل الأوقات التي يمكن أن يكون له فيها من التأثير ما
ليس لغيره.
ومن
أهم تلك الأوقات الغدو والآصال، أو حين يبدأ الإنسان يومه، ليبدأ صحبته فيه لله،
أو حين يكاد ينهيه، لينشغل فيه بربه، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ
فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح: 7، 8]
ومن
الآيات الكريمة التي تحث على ذلك، بل تدعو إلى قيام مجالسه في المجتمع، حتى يتنور،
وتتنزل عليه بركات الله قوله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ
تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ
وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله
وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ
الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ [النور: 36، 37]، ثم ذكر الجزاء الذي وفره لهم
على هذه العبودية؛ فقال: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ الله أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا
وَيَزِيدَهُمْ
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 97