اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91
التي يعرج بها السالك إلى الله، لا يكفي
فيه ترديد اللسان، ولا كثرة أعداد التسبيحات، بل ينبغي أن يشمل كل اللطائف، وأولها
العقل؛ فهو أول المسبحين والمقدسين، ومن لم يسبح عقله ربه، وقع في مستنقعات
التشبيه والتجسيم والشرك والضلالة، ولو سبح بلسانه ملايين المرات.
وإياك
أن تتوهم أن كونك مسلما، كاف في تنزهك عن رمي ربك بما لا يليق به، أو أنه كاف في
تخلصك من التشبيه والتجسيم وكل أنواع الضلالات التي وقعت فيها الأمم السابقة؛ فقد
أخبر رسول الله a أنه سيقع لهذه الأمة من الانحراف ما وقع في الأمم السابقة.
وقد
صدق ما أخبر عنه رسول الله a، حيث دخلت الكثير من الضلالات المسيئة لتنزيه الله، والتي حولت
الله تعالى إلى وثن من الأوثان، وجرم من الأجرام.
وقد
روي أن الإمام الصادق ذكرت له بعض الروايات التجسيمية التي كانت تنتشر في عصره،
وخاصة بين المحدثين، فقال: (سبحان من لا يعلم
أحد كيف هو إلا هو، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]،لا يحد ولا يحس ولا يجس ولا تدركه الأبصار ولا
الحواس ولا يحيط به شئ ولا جسم ولا صورة ولا تخطيط ولا تحديد)([146])
وقال: (إن الله تعالى لا يشبهه شيء، أي فحشٍ أو خنى أعظمُ
من قولٍ من يصف خالق الأشياء بجسم أو صورة أو بخلقة أو بتحديد وأعضاء، تعالى الله
عن ذلك علواً كبيراً)([147])
وقال:
(من زعم أن الله في شيء، أو من شيء، أو على شيء فقد أشرك. إذ لو كان على