اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 88
ولهذا
ترد الإشارات القرآنية الكثيرة إلى أن الكون كله أعظم معرفة بالله من أولئك
المشركين أو الغافلين الذين يصفون الله تعالى بما لا يليق به، قال تعالى يذكر
تسبيح السموات والأرض، وما فيها من الكائنات: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ
السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ
بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا
غَفُورًا﴾[الإسراء: 44]، وقال: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُسَبِّحُ
لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ
صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَالله عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾[النور: 41]،
وقال: ﴿يُسَبِّحُ لله مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ
الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾[ الجمعة: 1]
وقال
عن تسبيح الرعد والملائكة: ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ
وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن
يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي الله وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾[الرعد:
13]
وقال
عن تسبيح الجبال والطير: ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ
يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ﴾[الأنبياء: 79]
ولهذا؛
فإن تسبيح الله وتقديسه من الأمور الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، ولا
تجاهلها، ولا السير إلى الله من دونها..
بل
إن السائرين إلى الله في الحقيقة لا يقومون سوى بتطهير عقولهم وقلوبهم ونفوسهم من
كل تلك المعارف والظنون التي كانوا يتوهمون أنهم يثنون بها على الله، ثم يكتشفون
أن جلال الله أعظم من أن يعبر عنه بذلك الثناء، ولذلك يرد التسبيح والتقديس بصيغة
المضارع الدالة على الاستمرار.
وإلى
هذا المعنى الإشارة بما ورد عن رسول الله a، وأنه كان يقول في دعائه: (اللهم أعوذ
برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك،
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 88