اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 647
فتبعث الجوارح بالحركات والصرخات
والصعقات، لثوران ما في القلوب)([1276])
وقال آخر: (إن تأثير السماع
في القلب محسوس، ومن لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال بعيد عن الروحانية
زائد في غلظ الطبع وكثافته على الجمال والطيور بل على جميع البهائم فإنها جميعا تتأثر
بالنغمات الموزونة)([1277])
ولذلك ما دام للسماع كل
هذا التأثير، ما المانع ـ أيها المريد الصادق ـ من استثماره في التربية والسلوك،
وترقية المريدين في درجات الكمال المتاحة لهم، وقد قال بعض الحكماء في ذلك: (سماع من أحب
اللّه وعشقه، واشتاق إلى لقائه، فلا ينظر إلى شي ء إلا رآه فيه سبحانه، ولا يقرع
سمعه قارع إلا سمعه منه أو فيه، فالسماع في حقه مهيج لشوقه ومؤكد لعشقه وحبه،
ومستخرج منه أحوالا من المكاشفات والملاطفات لا يحيط الوصف بها، يعرفها من ذاقها،
وينكرها من كلّ حسه عن ذوقها) ([1278])
ثم ذكر تأثير تلك
المستخرجات التي استجرجها السماع وما عقبه من الوجد، فقال: (ثم تكون تلك الأحوال
أسبابا لروادف وتوابع لها تحرق القلب بنيرانها وتنقيه من الكدرات، كما تنقى النار
الجواهر المعروضة عليها من الخبث، ثم يتبع الصفاء الحاصل به مشاهدات ومكاشفات، وهي
غاية مطالب المحبين للَّه تعالى، ونهاية ثمرة القربات كلها)([1279])
وبناء على هذا يخلص إلى أن
السماع وما يتبعه ليس مباحا فقط، وإنما هو من المستحبات، فقال: (.. فالمفضي إليها – أي لتلك الأحوال التي سبق ذكرها- من جملة القربات لا من