اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 645
فإن
كانت كلمات تحث على معرفة الله ومحبته ومحبة أوليائه؛ فإن دورها لا يختلف عن
الأذكار والصلوات والزيارات وغيرها.. ولا فرق بينهما سوى في تلك الألحان التي
ترتاح لها النفس.
بل
إن لتلك الألحان تأثيرها الكبير؛ ففرق بين أن تسمع الأدعية والصلوات بأصوات عادية،
وبين أن تسمعها بأصوات جميلة شجية متناسبة مع معانيها..
ولهذا
سن الصالحون وضع الأدعية في تلك القوالب الجميلة، كما سنوا من قبلها سماع القرآن
الكريم بالأصوات الجميلة المؤثرة.
بل
إن رسول الله a هو الذي سن ذلك؛ ففي الحديث عنه a أنه قال: (ليس منّا من لم يتغنّ
بالقرآن)([1272])
وفي
حديث آخر قال a: (ما أذن الله لشيء ما أذن لنبيّ أن يتغنّى([1273]) بالقرآن) ([1274])
وروي
أنه a قال لبعض أصحابه: (لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة لقد
أوتيت مزمارا من مزامير آل داود) ([1275])
بل
إن القرآن الكريم هو الذي سن ذلك، وأشار إليه، فقد قال الله تعالى عن داود عليه
السلام: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي
مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾ [سبأ: 10]
ولهذا؛ فإن أمثال تلك
الأشعار التي تنشد، والتي تحث على محبة الله، أو محبه رسوله a
ومحبة الأولياء والصالحين؛ فلا حرج فيها، بل إنها لا تختلف عن سائر ما دعت إليه
[1273] اختلفوا في معنى
قوله (يتغنى) على أربعة أقوال: أحدها: تحسين الصوت. والثاني: الاستغناء. والثالث: التحزن.
والرابع: التشاغل به [ فتح الباري 8 (687)]