اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 633
ردّ عليّ أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين
القوم وهو خير الحاكمين)([1257])
بل
إن الإمام الحسين نفسه رد على تلك المقولات التي تريد أن تحرف الإسلام، وتبعده عن
الغاية الإصلاحية الكبرى التي جاء بها، لينقذ البشرية ويخلصها من كل أصناف
الطغيان، فقد قال في بعض خطبه: (اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من
سوء ثنائه على الأحبار، إذ يقول: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ
وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا
كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: 63]، وقال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ
مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: 78، 79]، وإنما
عاب الله ذلك عليهم؛ لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد
فلا ينهونهم عن ذلك؛ رغبة فيما كانوا ينالون منهم، ورهبة مما يحذرون، والله يقول: ﴿فَلَا
تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: 44]، وقال:
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة: 71])([1258])
وبعد
أن سرد هذه الآيات الكريمة الواضحة في الدلالة على وجوب مواجهة المنكر من أي مصدر
صدر، راح يفسرها لهم، ويبين أغراضها والنواحي العملية المرتبطة بها، فقال: (فبدأ
الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه؛ لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت
استقامت الفرائض كلها، هينها وصعبها؛ وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
دعاء إلى الإسلام، مع رد المظالم، ومخالفة الظالم، وقسمة الفيء والغنائم، وأخذ