اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 630
جوانب الحياة.
وهكذا عندما قال صالح عليه
السلام لقومه: ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ
غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا
فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾
[هود: 61]، وقال لهم: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ
عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا
وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا
فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف: 74]، كان يدعوهم بذلك إلى تغيير
حياتهم جميعا، حتى بيوتهم لتنسجم مع شريعة الله، والفطرة التي فطرهم الله عليها.
وهكذا عندما أرسل موسى
وهارون عليهما السلام لفرعون، كانا يحملون معهما مطالب تغييرية كبيرة، ترتبط بالمصريين
والإسرائيليين، وقد عبر عنها موسى عليه السلام عند قوله لقومه: ﴿اذْكُرُوا
نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ
سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي
ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ
شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)﴾
[إبراهيم: 6 ـ 8]
وهكذا كانت حركات جميع
الأنبياء وورثتهم عليهم الصلاة والسلام تحمل أمثال هذه المطالب الشرعية، وبذلك فإن
كل تلك الدعوات دعوات ثورية، لأنها ثارت على كل الانحرافات، ابتداء من الانحرافات
العقدية، وانتهاء بالانحرافات السلوكية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
وهكذا
أخبر الله تعالى أن الكمل من هذه الأمة هم الذين يسعون إلى هذه الوظائف الشرعية،
لأنه لا يمكنهم أن يزكوا أنفسهم حق التزكية، ولا أن يرقوها في مراتب الكمال، وهم
منحرفون عن منهج الأنبياء والأولياء والصديقين والشهداء.
كما
قال تعالى عند ذكره لوظائف الأمة: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً
وَسَطاً لِتَكُونُوا
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 630