اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 532
ومنها
ما روي عن الإمام علي في خطبته المعروفة بـ (القاصعة)، والتي حذر فيها من إبليس..
فمما ذكره فيها قوله: (فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس، إذ أحبط عمله
الطّويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد اللّه ستّة آلاف سنة، لا يدرى أ من سني الدّنيا،
أم من سني الآخرة؟ عن كبر ساعة واحدة.. فمن ذا بعد إبليس يسلم على اللّه بمثل
معصيته؟ كلّا، ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا، إنّ
حكمه في أهل السّماء وأهل الأرض لواحد، وما بين اللّه وبين أحد من خلقه هوادة في
إباحة حمى حرّمه على العالمين)
ثم
راح يحذر من الوقوع في حبائل الشيطان، وخدمة مشروعة التحريفي، فقال: (فاحذروا عباد
اللّه عدوّ اللّه، أن يعديكم بدائه، وأن يستفزّكم بندائه، وأن يجلب عليكم بخيله
ورجله. فلعمري لقد فوّق لكم سهم الوعيد، وأغرق إليكم بالنّزع الشّديد، ورماكم من
مكان قريب، فقال: ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي
الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين﴾ [الحجر:39]، قذفا بغيب بعيد،
ورجما بظنّ غير مصيب، صدّقه به أبناء الحميّة، وإخوان العصبيّة، وفرسان الكبر
والجاهليّة، حتّى إذا انقادت له الجامحة منكم، واستحكمت الطّماعيّة منه فيكم،
فنجمت الحال من السّرّ الخفيّ إلى الأمر الجليّ، استفحل سلطانه عليكم، ودلف بجنوده
نحوكم، فأقحموكم ولجات الذّلّ، وأحلّوكم ورطات القتل، وأوطؤوكم إثخان الجراحة،
طعنا في عيونكم، وحزّا في حلوقكم، ودقّا لمناخركم، وقصدا لمقاتلكم، وسوقا بخزائم
القهر إلى النّار المعدّة لكم، فأصبح أعظم في دينكم حرجا، وأورى في دنياكم قدحا،
من الّذين أصبحتم لهم مناصبين، وعليهم متألّبين، فاجعلوا عليه حدّكم، وله جدّكم)
ثم
عبر من ذلك إلى السلاح الذي يستعمله إبليس في التفريق بين المؤمنين، وهو نفسه
السلاح الذي أوقعه في الكبر والغواية، فقال: (فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 532