اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 497
عن
الذنب لأليم عقوبته؟!
يا
نفس.. ومن العجب أنه لو أخبرك طفل: بأن عقربا في جيبك لرميت بثوبك، أو حية في
إزارك لرميت بأطمارك.. أفكان قول الأنبياء والأبدال، أقل عندك من قول الأطفال؟! أم
صار حر نار جهنم وزقومها، أحقر عندك من العقرب وسمومها؟! ولا جرم فلو انكشف
للبهائم علانيتك وسريرتك، لضحكوا من غفلة سيرتك.
يا
نفس.. من لا يطعم الدابة إلا في الحضيض لا يقدر على قطع العقبة؟! ومن لا يملك
قيراطا من المال كيف يفك الرقبة؟! وكيف بك إذا أمرت بالصعود، على عقبة كؤود، وطرسك
موفور من السيئات، وظهرك موقور من التبعات، وأنت مع ذلك عارية عطشانة، حافية
غرثانة؟! فلا شك هنالك أن المستريح، أحسن حالا من الطليح، ولا جرم أن المبطئين،
أقبح حالا من المسرعين، فاستعدي للآخرة، على قدر هول أرض الساهرة، ولا تكوني ممن
يعجز عن شكر ما أوتي، ويبغي الزيادة فيما بقي، وينهى الناس ولا ينتهي.
يا
نفس.. ما المانع لك من المبادرة إلى صالح الأعمال، وما الباعث لك على التسويف
والاهمال، وهل سببه إلا عجزك عن مخالفة شهوتك، وضعفك عن مؤالفة أئمتك؟ وهب أن الجهد
في آخر العمر نافع، وأنه مرق إلى أسعد المطالع، فلعل اليوم آخر عمرك، ونهاية دهرك.
يا
نفس.. غالبي الشهوة قبل قوة طراوتها، فإنها إن قويت لم تقدري على مقاومتها، ومثل
ذلك: أن الشهوة كالشجرة النابتة، والصخرة الثابتة، التي تعبد العبد بقلعها أو أمر
بنزعها، فمن ترك قلعها وعجز عن نزعها، كان كمن عجز عن قلع شجرة وهو شاب قوي الهمة،
فأخرها بعد أمة إلى الضعف وابيضاض اللمة، مع العلم بأن طول المدة تزيد الشجرة قوة
وثباتا، وتولي القالع ضعفا وشتاتا.
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 497