اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 496
يا
نفس.. ويحك بل ويلك من العذاب، كأنك لا تؤمنين بيوم الحساب، أتظنين أنك إذا مت
انفلت، وإذا حشرت رددت؟! هيهات هيهات، كل ما توعدين لآت.
يا
نفس.. إنك تقدمين على ما قدمت، وتجازين على ما أسلفت، فلا تخدعنك دنيا دنية، عن
مراتب جنات علية، فإن لكل حسنة ثوابا، ولكل سيئة عقابا، وإنه لا بد لك في قبرك من
قرين، فإن كان صالحا فبه تستأنسين، وإن كان طالحا فمنه تستوحشين.
يا
نفس.. ما هذه الحيرة والسبيل واضح، وما هذه الغفلة والمشير ناصح، إلى كم تجمعين
ولا تقنعين، ولوارثك تودعين؟!
يا
نفس.. أتفرحين بنعيم زائل، وسرور راحل؟! غفلت وأغفلت، وعلمت فأهملت، إلى كم
مواظبتك على الذنوب، وأنت بعين علام الغيوب؟ فجمعك في هذه الدنيا إلى تفريق، وسعتك
إلى ضيق، فما هذه الطمأنينة وأنت مزعجة، وما هذا الولوج وأنت مخرجة؟!
يا
نفس.. لا جرم أنه تعالى تكفل في الدنيا بإصلاح أحوالك، فعلام كذبتيه بأفعالك؟
وأصبحت تتكالبين على طلب الدنيا تكالب المدهوش المستهتر، وأعرضت عن الآخرة إعراض
المغرور المستحقر، ما هذا من علامات من يتبع السنة، أو يبتغي الجنة..
يا
نفس.. أتحسبين أن تتركي سدى، ألم تكوني نطفة من مني يمنى، ثم كنت علقة فخلق فسوى،
أليس ذلك بقادر [ على ] أن يحيي الموتى ؟!.
يا
نفس.. لو أن طبيبا يهوديا، أو حكيما نصرانيا، أخبرك في ألذ أطعمتك بدائه، وعدم
دوائه، ثم أمرك بالاحتماء، عن بعض الغذاء، لصبرت عنه وتركته، وجاهدت نفسك فيه.. أفكان
قول القرآن المبين، والأنبياء والمرسلين، أقل تأثيرا من قول يهودي يخبر عن تخمين،
أو نصراني ينبئ عن غير يقين؟!.. والعجب لمن يحتمي عن الطعام لأذيته، كيف لا يحتمي
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 496