اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 493
وقد أقام مربوطا ست ليالي
أو سبع ليال، وقيل سبع عشرة ليلة.. وكان تأتيه امرأته أو بنته في وقت كل صلاة
فتحله للصلاة، ثم يعود فيربط بالعمود حتى كاد يذهب سمعه وبصره.
وروي
أنه قال للنبي a بعد أن تاب الله عليه: (من تمام توبتي أن أهجر دار قوم أصبت فيها
الذنب)، وروي أنه عاهد الله أن ينخلع من ماله فقال له a:(يجزيك الثلث)([1041])
وقد
أقره رسول الله a على فعله، ولو كان ذلك غير مشروع لنهاه.
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاسمع لما سأذكره لك مما قاله أو فعله الصالحون
بخصوص هذه المرابطة.
المعاتبة والتزكية:
أما المعاتبة ـ أيها المريد الصادق ـ فيقصدون بها تلك المخاطبات التي يوجهها
الصالحون لأنفسهم عتابا لها، وتصحيحا لمسارها، حتى تكف عن غيها، وتعود إلى رشدها.
وهي
كثيرة جدا؛ فاهتم بمطالعتها، والاستفادة منها، وتعلم كيف تخاطب من خلالها نفسك،
فهم لم يسجلوها في الدواوين، ولم يحفظها الرواة إلا لتكون سندا للسالكين
والسائرين، يهذبون من خلالها سلوكهم، ويرتقون بها في المعارج والمراتب التي هيئت
لها.
ومن تلك المخاطبات قول بعض الصالحين لنفسه معاتبا لها: (يا
نفس، لا في الدنيا مع أبناء الملوك تتنعمين، ولا في طلب الآخرة مع العباد تجتهدين.
كأنى بك بين الجنة والنار تحبسين. يا نفس، ألا تستحين)
وقال
آخر([1042]): يا
نفس، ما أعظم جهلك، تدّعين الحكمة والذكاء والفطنة وأنت أشد