اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 485
والخسران، ليتبين له الزيادة من النقصان.
فإن كان من فضل حاصل استوفاه وشكره وإن كان من خسران طالبه بضمانه وكلفه تداركه في
المستقبل) ([1027])
ثم
بين كيفية تطبيق السالك ذلك على نفسه، فقال: (فكذلك رأس مال العبد في دينه
الفرائض، وربحه النوافل والفضائل، وخسرانه المعاصي. وموسم هذه التجارة جملة
النهار، ومعاملة نفسه الأمارة بالسوء فيحاسبها على الفرائض أولا، فإن أداها على
وجهها شكر اللّه تعالى عليه، ورغبها في مثلها، وإن فوّتها من أصلها طالبها
بالقضاء، وإن أداها ناقصة كلفها الجبران بالنوافل، وإن ارتكب معصية اشتغل
بعقوبتها، وتعذيبها، ومعاتبتها ليستوفى منها ما يتدارك به ما فرط، كما يصنع التاجر
بشريكه وكما أنه يفتش في حساب الدنيا عن الحبة والقيراط، فيحفظ مداخل الزيادة
والنقصان حتى لا يغبن في شيء منها، فينبغي أن يتقى غبينة النفس ومكرها، فإنها
خداعة ملبسة مكارة فليطالبها أولا بتصحيح الجواب عن جميع ما تكلم به طول نهاره،
وليتكفل بنفسه من الحساب ما سيتولاه غيره في صعيد القيامة، وهكذا عن نظره، بل عن
خواطره، وأفكاره، وقيامه، وقعوده، وأكله، وشربه، ونومه، حتى عن سكوته إنه لم سكت،
وعن سكونه لم سكن. فإذا عرف مجموع الواجب على النفس، وصح عنده قدر أدى الواجب فيه،
كان ذلك القدر محسوبا له، فيظهر له الباقي على نفسه، فليثبته عليها، وليكتبه على
صحيفة قلبه كما يكتب الباقي الذي على شريكه على قلبه وفي جريدة حسابه ثم النفس
غريم يمكن أن يستوفى منه الديون. أما بعضها فبالغرامة والضمان، وبعضها بردّ عينه،
وبعضها بالعقوبة لها على ذلك. ولا يمكن شيء من ذلك إلا بعد تحقيق الحساب وتمييز
الباقي من الحق الواجب عليه. فإذا حصل ذلك اشتغل بعده بالمطالبة