اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 484
والدنيا كذلك مثل السوق الذي يتاجر فيه
المتاجرون بأصناف السلع، والتاجر الناجح هو الذي يحاسب نفسه على أنواع السلع التي
يعرضها، والأسعار التي يبيعها بها، وطريقة تعامله مع الزبائن.. حتى لا يخسر تجارته
التي تتوقف على كل ذلك.
إذا
علمت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن للمحاسبة التي يذكرها الحكماء فرعان:
أولهما:
عرض الأعمال اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية على المشارطة التي اشترطها السالك
على نفسه، وهل أداها، أم قصر فيها؟
وثانيهما:
التدقيق في كل عمل من الأعمال التي قام بها السالك، وهل هي موافقة للشريعة، أم
مخالفة لها، وهل أريد بها وجه الله، أم أريد بها غيره.
المحاسبة والمشارطة:
أما
الأولى، وهي المحاسبة المرتبطة بالمشارطة؛ فقد قال بعض الحكماء يذكرها: (اعلم أن العبد
كما يكون له وقت في أول النهار يشارط فيه نفسه على سبيل التوصية بالحق؛ فينبغي أن
يكون له في آخر النهار ساعة يطالب فيها النفس ويحاسبها على جميع حركاتها وسكناتها،
كما يفعل التجار في الدنيا مع الشركاء في آخر كل سنة، أو شهر، أو يوم، حرصا منهم
على الدنيا، وخوفا من أن يفوتهم منها ما لو فاتهم لكانت الخيرة لهم في فواته، ولو
حصل ذلك لهم فلا يبقى إلا أياما قلائل. فكيف لا يحاسب العاقل نفسه فيما يتعلق به
خطر الشقاوة والسعادة أبد الآباد! ما هذه المساهلة إلا عن الغفلة، والخذلان، وقلة
التوفيق) ([1026])
ثم
شرح كيفية تعامل الشركاء مع بعضهم، وهو نفس ما يمكن أن يفعله المحاسب لنفسه معها،
فقال: (ومعنى المحاسبة مع الشريك أن ينظر في رأس المال، وفي الربح