اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 478
يجاهد
فيها نفسه ويراقب فيها ربه.. فإن لم تأته الساعة الثانية لم يتحسر على فوات هذه
الساعة، وإن أتته الساعة الثانية استوفى حقه منها كما استوفى من الأولى.. ولا يطول
أمله خمسين سنة فيطول عليه العزم على المراقبة فيها، بل يكون ابن وقته، وكأنه في
آخر أنفاسه، فلعله آخر أنفاسه وهو لا يدري، وإذا أمكن أن يكون آخر أنفاسه، فينبغي أن
يكون على وجه لا يكره أن يدركه الموت وهو على تلك الحالة)
ولا
تستهن بهذه المراقبة ـ أيها المريد الصادق ـ ذلك أن تضييعها يعني ضياع كل شيء، ذلك
أن الله تعالى كما وفر الأجور العظيمة على الأعمال، وضع القوانين لقبولها؛
والتقصير في النظر في تلك القوانين قد يعرض الأعمال للإحباط والفساد، كما قال
تعالى في تحذير الذين يسيئون الأدب مع رسول الله a: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا
لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ
وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: 2]
ومثل
ذلك ما ورد في إجابة الدعاء.. فالعبرة ليست بالدعاء فقط، وإنما بتوفير قابلية
الإجابة.
ومن
ذلك ترك الحرام، ذلك أن الله تعالى لا يجيب من يأكل الحرام، وقد روي أن رجلا أتى
النبي a
فقال: (ادع الله أن يستجيب دعائي، فقال a: (إذا أردت ذلك فأطبْ كسبك)([1010])
وقال
a: (يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر
المتقين بما أمر به المرسلين فقال: ﴿يَا أَيهَا الرسُلُ كُلُوا مِنَ
الطيبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِني بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾
[المؤمنون: 51]، وقال: ﴿يَا أَيهَا الذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيبَاتِ
مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: