اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 474
به سبب بـينك وبـين الله تعالى إنما لك
من دنياك ما أصلحت به مثواك، والرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته
أتاك، وإن كنت جازعاً على ما أصيب مما في يديك فلا تجزع على ما لم يصل إليك،
واستدل على ما لم يكن بما كان فإنما الأمور أشباه، والمرء يسره درك ما لم يكن
ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه، فما نالك من دنياك فلا تكثرن به فرحاً وما
فاتك منها فلا تتبعه نفسك أسفاً، وليكن سرورك بما قدمت وأسفك على ما خلفت وشغلك
لآخرتك وهمك فيما بعد الموت)
فهذه
النصوص المقدسة تدعونا إلى نوعين من المراقبة قبل العمل:
أما
أولاهما، فالمراقبة المرتبطة بمدى موافقة العمل للشريعة.. فلا يطاع الله إلا بما
شرع.
وأما
الثانية، فتدعونا إلى النظر في دافعنا للعمل، أهو لله خاصة أو هو هوى النفس
ومتابعة الشيطان؟
ولذلك؛
فإن المراقب لله تعالى يتوقف قبل أي عمل يريد أن يقوم به، ويتثبت؛ فإن كان لله
تعالى أمضاه، وإن كان لغير الله استحيا عنه، ثم لام نفسه على رغبته فيه وهمه به
وميله إليه وعرّفها سوء فعلها وسعيها في فضيحتها وأنها عدوّة نفسها إن لم يتداركها
الله بعصمته([1005]).
ومما
يروى في هذا من الآثار أنه (ينشر للعبد في كل حركة من حركاته وإن صغرت ثلاثة
دواوين: الديوان الأوّل: لم؟ والثاني: كيف؟ والثالث: لمن؟ ومعنى (لمَ) أي لم فعلت
هذا أكان عليك أن تفعله لمولاك أو ملت إليه بشهوتك وهواك؟ فإن سلم منه بأن كان
عليه أن يعمل ذلك لمولاه سئل عن الديوان الثاني فقيل له: كيف فعلت هذا، فإن لله في
كل عمل
[1005] المحجة البيضاء
فى تهذيب الاحياء، ج 8، ص: 158
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 474