اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 47
الذکر الکثیر
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن سر ارتباط
الصلاة بالذكر، وكونه من مقاصدها العظمى، وسر تلك الأوامر القرآنية الكثيرة التي
تحض على الإكثار منه، وتعتبره من صفات عباد الله المخلَصين.. وعن علاقة ذلك كله
بالتزكية والترقية.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن الذكر ـ بحسب ما تدل النصوص المقدسة ـ أعظم مدرسة
تربوية وروحية منّ الله تعالى بها على عباده؛ فهو لا يكتفي بوصلهم بربهم فقط،
وإنما يهذب نفوسهم ويربيها، ويزيل عنها كل رعوناتها وخبثها ومثالبها، ليحل بدلها
كل أنواع المكارم والخلال الطيبة.
وكيف
لا يكون للذكر ذلك الدور العظيم، وهو تواصل مع الله تعالى، والذاكر بمثابة الزائر
لله، الذي لا يخرج من ذكره إلا بأنواع التحف الإلهية، أو هو بمثابة المريض الذي
يزور الطبيب الذي يعالج من كل الأدواء؛ فلا يرجع من عنده إلا وهو معافى من كل ما
يؤذيه.
وكيف
لا يكون له ذلك الدور العظيم، وفيه يغيب الإنسان عن نفسه وعيوبها وأمراضها، ويتصل
بربه، ليتلقى منه كل إشعاعات النور والهداية، التي تطهر أرض نفسه من كل أدناسها،
لتحرره من كل قيوده التي كانت تحول بينه وبين حقيقته، وبينه وبين ربه؟
وكيف
لا يكون له ذلك الدور العظيم، وهو المدرسة التي حض عليها كل الأنبياء والأولياء،
ومارسها كل الصديقون، وجربها كل الصالحون، وشهد لها الجميع بأنه لا يتخرج منه إلا
من نور الله قلبه بالهداية.
ولذلك
كان الذكر ـ مثل النية الخالصة ـ روح الأعمال، بل لا معنى للنية بدونه، ذلك
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 47